ندوة كتاب اعترافات أكاديمي متقاعد للدكتور عبد الخالق عبد الله

 

الذاكرة الوطنية يجب أن لا تذهب سدىً

نظم رواق عوشة بنت حسين الثقافي مساء أمس ندوة ثقافية حول كتاب الدكتور عبد الخالق عبد الله ( اعترافات أكاديمي متقاعد ) وبحضور الدكتورة موزة عبيد غباش رئيسة الرواق وجمهور كبير من الأدباء والإعلاميين والأكاديميين والمثقفين ، واستعرض المتحدثون وهم ( د.موزة عبيد غباش ـ الدكتورأحمد برقاوي ـ الدكتورة عفاف بطاينة ـ الدكتور عمر عبد العزيز ـ والأستاذ محمد وردي ) أهم الجوانب والرؤى التي تراتبت في تجربة الدكتور عبد الخالق عبد الله من خلال سيرته شبه الذاتية أو من خلال تجربته الوطنية والقومية والإنسانية التي احتواها الكتاب . الكتاب الذي تحدى فيه فكرة التقاعد  بعد ثلاثة  وثلاثين عاماً من العطاء الأكاديمي ، ليتوج هذا التحدي بعطاء ثقافي من نوع ٍ آخر .

قدمت الندوة الأديبة الشابة صالحة عبيد .

وفي مستهل الندوة رحبت الدكتورة موزة بالضيف المحتفى بكتابه وبجميع الحاضرين ، وأشادت بتجربة الدكتور عبد الخالق في هذا الكتاب وقالت : إنني وأنا أقرأ الكتاب أشعر كأنه يتحدث عني ، لقد عشنا ذات التجربة عندما ساهمنا بكل دقائق الأمور لنضع اللبنات الأولى لمسيرة العمل الجامعي التي ترافقت مع مسيرة دولة الإمارات مشيرةً إلى فترة الزمالة معه في جامعة الإمارات حيث كانا من ضمن الرعيل الأول الذي أعطى لهذه الجامعة عصارة فكره وعلمه وجهده من أجل بناء جيل يؤمن برسالته العلمية ويتخذ العلم أداةً للتطور والنهوض .

وقالت : إن كتابات الدكتور عبد الخالق قد أثرت الحياة الثقافية ، فهو قد وضع البذور لهذا المحتوى الثقافي والاجتماعي والذي اتسم بالفكر العروبي ، وإن رواقنا سعيد وأنا سعيدة بوجود هذا الإنسان المخلص والمعطاء .

 

وقد قدم الدكتور أحمد برقاوي قراءة فلسفية لكتاب الدكتور عبد الخالق عبدالله ، بدأها بتحليل معنى العنوان فقال: سأترك الشرح الذي قدمه المؤلف للأسباب التي حملته على اختيار العنوان ، لأكشف عما وراء الكلمات. فالاعتراف هنا ليس اعترافاً بذنب ارتكبه المؤلف أمام قاضٍ، وليس اعتراف أمام سلطة خوفاً منها ، بل هي لحظة صدق أمام الناس ، وإعلان عن رغبته في قول الحقيقة.

وهذا الأكاديمي ليس هو الأكاديمي الذي ذمه إدوارد سعيد بل هو الأكاديمي المثقف الذي ينتمي إلى هموم الناس و الوطن دون أن يكلفه أحد بذلك. أما صفة المتقاعد فسرعان ما تفقد معناها ، لأن التقاعد عند مؤلف الاعترافات هو ولادة جديدة ، نهاية تعلن عن بداية ، فعبد الخالق هيراقليطي الروح ، ولا يستطيع أن يسبح في ماء النهر مرتين فراح يسبح في نهر الحياة.

وكشف البرقاوي عن جوهر الكتاب بقوله؛ إنه كتاب في الهم ، إذاً هو كتاب في المعنى.فلا ينفصل الهم عن المعنى. وتحدث عن ثلاثة معانٍ ينطوي عليها الكتاب أي ثلاثة هموم.

الهم الكلي حول معنى الوجود وًالمصير و الحياة ، و الهم الإماراتي عبر طرح السؤال : من هو الإماراتي ، و الهم العربي واندراجه في حركة التاريخ العربي المعاصر.

كل هذه الهموم و المعاني صادرة عن شخص يعلن بأنه تنويري مدافعاً عن الحرية و استقلال الفرد.

وكانت مطالعة الدكتورة عفاف بطاينة عبارة عن سياحة أدبية تنسجم مع اختصاصها في النقد الأدبي ، أشارت خلالها إلى العديد من نقاط الضوء في كتاب ( اعترافات أكاديمي متقاعد ) فتقول : تتكشف عبر صفحات الكتاب ومضات عشق وولاء وإخلاص وإنتماء للإمارات، الوطن عموماً، ودبي على وجه التحديد، وهو حب ممزوج بالتقاليد، والمؤسسات، وزايد، والعلم، والأرض والعائلة والناس. وهو حب اختياري عمقته تجارب الكاتب ورحلاته وعلاقاته ونضوجه.

و أضافت د.عفاف ؛ دافع تسجيل ونقل الذاكرة الوطنية لجيل الاتحاد الذي عاش مرحلة البدايات وأدى الواجب وحمل الراية وحافظ على الأمانة وتحمل المسؤولية وآن وقت تسليمه الراية للجيل الجديد. " هذه المهمة الوطنية هي من أهم دوافع نشر كتاب اعترافات أكاديمي إماراتي متقاعد." (ص.27)

وقالت أيضاً : " كل هؤلاء ]الجيل المؤسس[ ثروة معرفية غنية من الخبرات والتجارب الشخصية والحياتية والوظيفية والوطنية التي تستحق أن تكتب خلال مرحلة التقاعد". (ص.25)

أما الدكتور عمر عبدالعزيز فقد تناول الكتاب تناولاً نقدياً وفلسفياً حيث قال : منذ الصفحات الأُولى نستشعر ذلك الانسياب الناعم للذكريات المقرونة بنفس سردي كما أسلفت، وبتنويعات مدارية تجعل الكتاب الماثل مزيجاً من السيرة الذاتية، والاستطرادات المعرفية، وأحكام القيمة الدلالية حول جملة من الأمور الإشكالية التي تواجه الإنسان دوماً.