خصص الرواق أحد أمسياته الرمضانية لفلسطين ( لاننساك فلسطين) التي اتسمت بالحنين للوطن المسلوب فلسطين وتزينت بشهادات واقعية وذكريات بداية الاحتلال والمراحل التي مر بها الفلسطينيون ما بين شهيد ولاجئ وأسير.وأشارت د. موزة إلى أن رواق عوشة ومنذ تأسيسه وهو معنيّ بالقضية الفلسطينية، لأن فلسطين هي جرحنا العربي الأول مهما تعددت الجراحات والنكبات التي تحيط بالوطن العربي.وأضافت، وبرغم ما تمر به منطقة الخليج العربي من فترة حرجة في العلاقات بين دول مجلس التعاون وما ترتب على ذلك من اهتمام محلي وإقليمي وإعلامي، إلا أننا في الرواق لم نشأ أن نتجاهل أو نغض الطرف عما يجري في فلسطين بلادنا الحبيبة الآن من إضراب عن الطعام الذي أعلنه الأسرى في السجون الصهيونية، ونحن اليوم نعلن تضامننا معهم.
ومن ثم طلبت من الحضور الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء .
إن ما يحدث في فلسطين كأنه يحدث في كل بيت عربي
استمع الحاضرون إلى شهادة قدمها أسامة إبراهيم مستشار سابق في السفارة الفلسطينية في الإمارات تضمنت محورين الأول يخص رواق عوشة بنت حسين ومؤسسته الدكتورة موزة عبيد غباش، معتبراً أن الرواق أشبه بقطعة من فلسطين نبتت في أرض الإمارات، واستشهد إبراهيم بمواقف مديرة الرواق شريك حقيقي للشعب الفلسطيني في كفاحه العادل لنيل حريته واستقلاله التام واستعادة ما اغتصبه الصهاينة من أرض وحقوق ففي عام 2002 حينما دنس المجرم الصهيوني شارون المسجد الأقصى وهب الشعب الفلسطيني بكل فآته للدفاع عن مقدساته حينها أقام رواق عوشة مهرجاناً تضامنياً كبيراً بعنوان ” أمة واحدة ومصير واحد” ويومها قالت د. موزة غباش عبارتها البليغة (إن ما يحدث في فلسطين كأنه يحدث في كل بيت عربي ) .المحور الثاني من شهادته جاءت تحت عنوان “من فمك أدينك” حكى فيها قصة زيارته إلى مسقط رأسه “قرية الرأس الأحمر” والتي وجد أن اسمها قد غير وحين أراد أن يزور بيته وطلب من صاحب البيت أن يتجول بين جنباته بحجة أنه معجب بتصميم الدار ولكن صاحب البيت تعرف عليه بمجرد دخوله وقال لمن معه بالعبرية هذا صاحب البيت الأصلي، فكان عترافاً صريحاً من مغتصب الدار ولكن دون جدوى في ظل استيطان صهيوني.
اللاجئ يعيش في الزمان والمكان المؤقت
قدم ا لباحث والأكاديمي الفلسطيني الدكتور أحمد برقاوي ورقة حملت اسم (معنى اللاجئ )تركت اثراً واضحاً لدى الحضور لما حملته من دلالات حسية ومعنوية لمعنى مفردة لاجئ طارحا عدة تساؤلات فلسفية عميقة موضحاً أن للجوء تداعياته الخطيرة، فأن تكون لاجئاً فأنت تعيش في المؤقت ليس لديك وطن ،تعيش في مكان مؤقت لا ينتج سوى زمن مؤقت، فاللاجئ ابن الماضي والمستقبل وليس ابن الحاضر، فهو ابن الآتي.
إن تجربة اللاجئ لها خصوصيتها كأن تولد وأنت لاجئ وابن لاجئ وستنجب لاجئاً، وأحياناً تنسى فتخطئ فيذكرك الآخر بأنك لاجئ، وحتى تجربة المخيمات تذكرك بكل شيء ، أسماء الشوارع والمدارس كلها على أسماء شهداء فلسطينيين، وحين تغادر المخيم تفقد وطناً ثانياً وهو المخيم، فاللجوء هو مصير بالنسبة لأي فلسطيني.
من ابن مفقود إلى ابن شهيد
تحدث الكاتب الفلسطيني تيسير خلف عن تجربته العائلية، وأنه ترعرع في كنف جدته لأبيه والتي فقدت 3 من أبنائها، منهم والده، أما والدته فهي ما زالت حتى اليوم تعيش على أمل أن زوجها لم يمت وأنه سيرجع يوماً ما، حتى بعد أن ثبتت وفاته وتحول خلف من لقب ابن مفقود إلى ابن شهيد.
في حين قرأ الشاعر العراقي إياد عبد المجيد نصين من شعره الأول حمل عنوان( لي حزنان ) والآخر أهداه لعبدالرحيم محمود ( إلى رمز الكلمة المقاتلة ) :
ما كان يقبل مجداً دونه سكنا
في القدس إلا نرتدي من طهرها الكفنا
ونلحق الموت في أحداقنا أملا
يشب عزاً وفي أرواحنا ارتهنا
لا نشرب الماء في ذلٍ إذا احتربت
وجوفنا يصطلي من نارها الرسنا
إن الخيول إذا جاشت عزائمنا
تهب في صدرنا لا ترهب المحنا.
و قدم الشاعر الفلسطيني نصر بدوان شهادة حول تجربته مع الكيان الصهيوني وكيف تم هدم منزلهم في عام 1967 وتذكر بدوان كيف رمى والده مفتاح البيت في الهواء وقرر الرحيل هو وأولاده بلا عودة، وفي عام 1987 عاد بدوان للقدس وبنى مزرعة ولم شمل الأهل ولكن الكيان الصهيوني أجبره على هدمها والرحيل مرة أخرى عن وطنه ليعود إلى الإمارات ومازال حلم العودة يراوده.
قدم الفنان الفلسطيني أمجد عرار شهادة حول تجربته كأسير سابق، وما اختزنته ذاكرته وهو في سن الخامسة من عمره حين استيقظ على الجنود الصهاينة يعتقلون والده، والذي عاد بعد 8 أشهر ليحكي لأبنائه قصة التعذيب والمعاناة، واسم المحقق أبو علي ميخا وفي عام 1985 عاش هو تجربة والده لمدة سنتين ووجد نفسه وجها لوجه مع ذات المحقق الذي استجوب أباهمما زاد محنته، ورغم أنه غادر الأسر في عام 1987 إلا أنه ظل مطارداً لمدة 5 سنوات حتى قبض عليه في 1992 ليأكل الأسرسنتين من عمره أيضاً، واختتم عرار شهادته بأن الأسر كالموت لا يعرف طعمه إلا من جربه.
تلك الشهادات المروية عن حجم الألم وفداحة المعاناة تحت ظل الاحتلال وتعسفه انتفض معها الشعر متحديا فقرأت الشاعرة الفلسطينية مجد يعقوب قصيدة (عابرون في كلام عابر) لمحمود درويش وقصيدة (المستحيل )لتوفيق زياد .واضافت الأغنية القاً للمشهد البنورامي حين قدم الفنان أمجد عرار والفنانة ريتا أمجد عرار مجموعة من الأغاني الوطنية التي تفاعل معها الجمهور. وفي الختام حظي المشاركون بتكريم الدكتورة موزة عبيد غباش رئيسة الرواق وسط تفاعل واحتفاء من قبل الجمهور بالأمسية.